ضوء القمر


لقد كان الوقت ليلاً ,حينمها اتصلت بها .
ــــــ اريد أن أتحدث معك.
لقد طلبت منها أن نتقابل و قد كان الميعاد يوم السبت بعد العمل حيث أنه سيستغرق وقتاً , اقترحت حينها أن يكون في منزلها لكنني رفضت رفضاً قاطعاً فهذا المنزل لا يحمل في طياته من الذكريات السعيدة شيئاً في ذاكرتي .
لذا اقترحت أن نتقابل في متنزه يقع علي تلة بالقرب من منطقة سكنية , لقد كان المكان الذي وجدت فيه جثة والدتها .
ـــ حسناً.
بالطبع كنت أشعر بشعور غريب نحو المكان لكن فضولي قد غلبني علي أمري.
لقد بدت غير مندهشة بطلبي المفاجئ . يبدو أنها قد كانت تتوقع شيئاً مماثلاً.
كلا, هذا لا يبدو صحيحاً.


لقد كانت تتحرق شوقاً له.
و هكذا بدا صوتها ــــــ و كأنها تتحدث عن موعد.


لقد كانت ليلة مقمرة .
قمر ذهبي تعلق عالياً في السماء , يُشرف علي نجوم حتي يُخيل لك و كأنه الملك يحكم حاشيته بينما تضئ أشعته الارض نوراً حتي تكاد تنسي أننا في الليل .
لقد كان يبعد مسيرة دقائق من بيت تسوكيموري .
حين ظهر السور الاخضر للحديقة أخذت انفاسي تتسارع حتي بدا لي الامر و كأنني سافقض الوعي في أي لحظة.
تفقدت الوقت في ساعة يدي لاجدها قد تخطت الحادية عشر و هو معقول بعض الشئ فقد عدت للمنزل لأخذ حماماً و تبديل ثيابي .
حسناً , لقد أردت أن أقابلها بعد انتهاء العمل مباشرةً لكنها قد أوقفتني .
لقد اصرت علي أن نحافظ علي مظهر لائق لموعدنا الاول.
بغض النظر عن حقيقة انه ليس بالموعد إلا أنني وافقتها علي طلبها .
فقد كنت في حاجة الفصل بين شخصية حياتي اليومية .
لقد وصلت إلي مدخل الحديقة و التي لم تكن متميزة بشئ , لقد كانت مجرد مساحة بها قليل من الأشجار و معدات للعب , فقط برج ساعة ابيض اللون ما كان بارزاً بها .
أغلقت عيناي و تنشقت هواء الليل سامحاً للنسيم بالدخول إلي رئتاي و ببطء زفرت , و للمرة الأخيرة تفقدت جيب سترتي الأيسر و من ثم دخلت .

" ـــــــــ لقد كنت علي وشك أن اسأم من الأنتظار ."
ثم بحثت بعيناي عن مصدر الصوت .
"لكن عليّ أن أكون شاكرة أنك جئت بمظهر لائق , أليس كذلك؟"
حينما لاحظته توقفت أنفاسي , تسوكيموري شبيهة ببياض الثلج كانت جالسة علي أرجوحة حمراء .
" إن الأسود يليق بك حقاً نونوميا-كُن "
ثم ابتسمت و أردفت قائلةً " و هذا ما توقعته لذا أرتديت الأبيض ليتناسب معك."
عدا القميص الأبيض الي ارتديته أسفل سترتي فكل شئ قد كان أسود.
لقد كانت ترتدي ثوباً و حذاءً أبيضا اللون و علي كتفيها تعلق شالٌ أبيض شبه شفاف بين تزين شعرها بحلية بيضاء .
من وجهة نظري , كانت تسوكيموري تحمل القمر بين كتفيها .

" إذاً , هلا بدأنا موعدنا ؟"

ثم عقدت ساقيها و أمالت علي مرفقيها بينما يميل رأسها قليلاً جاعلاً قليل من شعرها يمتد ملامساً فمها .

لقد كان الأمر أشبه بالحلم . هززت راسي بسرعة كيلاأقع في حبائل ما آري.

" ...ألم تقولي في اليوم الذي تلي طلبك مني مواعدتك أنه علينا أن نوثق علاقتنا ببعضنا البعض ؟"
"بالفعل ." قالتها و أومأت .
" و قد قلتي أيضاً أنه يمكنني أن اعطيك ردي بعد هذا ؟"
" أجل ."
" لسوء الحظ أنا لا أفهمك البتة . حالياً نحن أبعد ما نكون عن "موعد" "

 إذاً ماذا ترغب في أن تعرفه عني ؟"
ــــــــــــ " كل شئ " بالكاد قلتها لكن بالحكم من هه الابتسامة الواثقة فلم يكن هناك ما يقال إلا شئ واحد.




" أنه أنت من قتلها , هل أنا محق في قولي ؟ "

و في اللحظة التالية قفزت من الارجوحة نحو سماء الليل المظلمة .
انفرد شالها حول كتفها كما أجنحة الإوزة بينما تلامس قدميها الارض كريشة سقطت من تلك الاجنحة .

ط ما الذي أنا موشكة علي سماعه منك الان ؟"
" حسناً يسعك أن تسميه ." ثم ادعيت كما لو كنت أفكر في الأمر ثم قلت بوجهي الذي خلت منه التعبيرات " إجابة الأحجية المدعوة يوكو تسوكيموري ."
لقد  كانت تسوكيموري محافظة علي إبتسامتها كما العادة.
طفهمت . هذا يبدو أكثر إمتاعاً عن الموعد ."
لكن هكذا أردتها أن تكون : خصمي اللدود.



أحياناً اشعر أن تسوكيموري لم تقم بهذا الفعل لأ كنت متأكداً أنها لن تقوم بمثل هذا الفعل الأحمق .

و لكن الموقف قد تغير بظهور رجل ذا بصيرة نافذة , و ها هي نظريتي تضحد بمتباينات و افتراضات أظهرها للنور من يسمي كونان.
قد تتساءل لما اعتبرتها بريئةً في المقام الاول .
لقد هناك العديد من الأدلة التي تشير باصابع الاتهام إلي والدتها بالأعتقاد أنها هي من كتب وصفة القتل لكن في نفس الوقت أدركت ان هذه الأدلة لا يمكنها أن تثبت براءة تسوكيموري .
و أنا نفسي كنت دليلاً قاطعاً في نظرية براءتها .
فقط الأن أدركت انني من أراد ثبوت براءتها خوفاً من فقدان شخص مهتم به.
بصياغة آخري , براءتها هي رغبتي المحضة.
جلست علي مقعد بينما جلست علي أرجوحة زرقاء.
و من ثم بدات وضح لها أسباب شكي بها الواحد تلو الاخر .
المكالمة المثيرة للريبة من مدرسة الطبخ, و حقيقة ان هاتفها كان في وضع صامت, و السلوك الغريب من احضار منشفة لي عدا البحث عن أثر لوالدتها , و حقيقة أن ملحوطة الأنتحار كُتبت علي الحاسوب لا بخط اليد, و شكي بأنها من أرادني أن أجد تلك الملحوظة.
استمعت تسوكيموري إلي كل هذا و هي تومأ بلا رفض او تأكيد.
و عندما انهيت كلامي اخذت تتأمل سماء الليل بينما سألتني " أهذه نظريات كونان ؟"
اومأت . فكل ما طرأ من تغيير في طريقة تفكيري جاء من حديثي مع كونان .
" لكنني أتفق معه لهذا اعتبيريهم افكاري ."
ثم ظهرت إمارات الدهشة علي وجهها .
" أهذا ما تتحدثون فيه في غيابي ؟"
 ثم زمت شفتيها و اردفت " يا للؤم ! أتشكان فيني كليكما ؟ "
" كلا " و هززت رأسي "  لا علاقة لكونان -سان بهذا بعد الأن ."
ثم شهقت " من المدهش أنه توقف عن الامر حيث بدا متمسك به , أي سحر استخدمت نونوميا-كُن ؟"
" كله بفضل التلميح الذي ساعدتني به ." تجنبت الغجابة الصريحة كيلا اذكر " وصفة الحب".
" اوه أصدف و أن ساعدتك ؟"و ابتسم . لقد بدت و كانها اخت كبيرة سعيدة بما حققه أخيها الصغير .
مما جعلني أتنهد تهيدة ثقيلة .
" ....فهمت ...إذاً لقد ساعدتني عمداً."
إذ اعتبرت غدراكها السريع اافكار كونان التي أنطق بها فهذا يعني أنها كانت علي علم بشكي بها أنا و كونان مُنذ البداية.
و بهذا في عقلي , فيا لها من ممثلة بارعة : فقد تذكرت تلك الليلة حين هاجمتنا ميراي-سان و ذلك الموقف الذي أخذته ضدي و ذكرها المفاجئ لكونان الذي لم يكن منطقياً البتة .
لقد توقفت عن عد عدد المرات , و لكنها قد كانت تتتلاعب بي مجدداً . الحق يُقال هي أبرع مني في التمثيل .
و لألتزامي الصمت أمالت رأسها قليلاً " همم ؟"
لم تتأثر ابتسامتها مُنذ البداية علي الرغم من دعوتي لها " بالقاتلة ".
لقد كانت ابتسامتها شيئاً خاصاً بها في عقول الاخرين , في عقولهم كانت المرأة الطاهرة التي لا تغيب عن ثغرها الأبتسامة .
لكن هذا لم يكن الجانب الذي رغبت رؤياه , الأن كنت في أشد الححاجة لتحطيم تلك الأبتسامة .
"...أجل , هناك شئ اود أن أعطيك إياه ."
ثم امتدت يدي نحو صدري لا إرادياً.
ما اعطيتها إياه كانت ورقة طويت أربع رات .
" ما هذا ؟ " سألت توكيموري بينما هي تأخذ الورقة مني .
" ...أنا سعيدة بأي شئ قد تعطيني إياه لكن هذه ليست بالهدية التي قد تُدخل البهجة لقلب أحدهم ."
" لا يسعني فعل شئ فهي ليست هدية بل انا اعيد لك شيئاً !" لم تغب عيناي عن وجهها " أليست ملكك ؟"
حدقت في عينيها . يمكنك القول أنني قد حافظت علي الورقة لأجل هذه اللحظة فلا يسعني أن أدع تعبير وجهها يهرب مني .
رفعت رأسها نحوي بإبتسامة شبيه بالهلال .
" اجل هي ملكي ." و قد اعترفت .
" إذاً دعينا نتحدث عن عنها ـــــــ"وصفة القتل " ."
لقد كانت ورقتي الرابحة التي حميتها من كونان .
ثم ضحكت و قالت " إذاً لا مفر من الأمر , فمن المستحيل أن تترك مثل هذا الشئ يضيع منك ؟"
من الوهلة الأولي بدت تسوكيموري كعادتها .
" حقيقة لا افضل ذلك , لكني قد أتمكن من أن اجيب علي تطلعاتك لكن عدني شيئاً أولا ً ــــــــ"
لكني سألت نفسي , آدركت هذا التغير الطفيف الذي طرأ عليها ؟
"ـــــــــــــــــ أنك لن تكرهني , حسناً ؟"
لقد كانت تبتسم كعادتها لكن عيناها كانت جادة.
لقد كنت أري جانباً مجهولاً من تسوكيموري , جانباً لا يعرف عنه الكثير . شعرت أنني أقترب منها أكثر فأكثر . اردت أن أعرف المزيد لكن لا داع للتعجل فلازال هناك وقت حتي شروق الشمس .




".... لقد علمتي منذ البداية ؟
" ماذا ؟"
" ان وصفة القتل بين يدي ؟!"
لقد كان حدساً يراودني مُنذ البداية , فبعد أن حصلت عليها اخذت تتقرب مني و دعتني للخروج معها و أنا لم اتحدث معها قط .
لكن الان فحسب أدركت أنها كانت تعرف . فهذا الرد الضعيف ليس إلا إثبات للأمر .
رُفع حاجبي تسوكيموري في تردد .
" بالفعل ."و قد أومأت أخيراً " اتذكر ما حدث بعد ان وجدت الوصفة في اليوم التالي ؟"
" في ذلك الصباح قد تحدثت معي و قد كان الأمر غريباً و قد فكرت في إجابة للأمر و لم يأخذ وقتاً إلي أن عرفت ."
" ...إذاً فقد حفرت قبري بيدي هاتين ."و لا إرادياً اصطدمت يدي بجبهتي .
يا لي من أحمق قد فضحت نفسي! لم أتمالك نفسي صبيحة ذلك اليوم و ناديت عليها , و بالفعل هو أمر ليس عادياً بيننا.
" ...حينما حصلت عليها " بدأت الحديث محاولاً دفن أخطاءي " ظننت أنك من كتبها فبالنسبة لي مالكه هو كاتبها لكن كلمة "وصفة " قد كانت تزعجني طيلة هذا الوقت , ألم يكن من المناسب أكثر دعوتها بـ "خطة القتل " ؟"
لا تسمع شيئاً في هذه الحديقة التي أنارها ضياء القمر غير صوتي .
" لكن حين علمت أن والدتك تعمل في مدرسة تعليم للطهي بدت كلمة الوصفة مناسبة أكثر لكي تكون والدتك كاتبتها خاصةً بعدما حصلت علي ملحوظة بخط يد والدتك التي طابق نفس خط اليد التي كُتبت به الوصفة ."
" لم تخذل توقعاتي يوماً نونوميا-كُن ." قاطعتني ثم أغلقت فمها مرة أخري .
جملة ذات معناً عميق لكنها ليست بالإعتراف أو النفي.
"أياً يكن الأمر , ما أريد معرفته هو لما كانت وصفة والدتك في حوذتك ؟"
" لقد كانت مصادفة بعدما بدأت المدرسة الثانوية حين وجدتها ــــ"
لقد كانت تعابير وجهها هادئة.
ط ــــــحينها أدركت علي الفور من أرادت والدتي قتله ."
" والدك."
" أجل, بالناسبة هذه ليست بالوصفة الوحدية بل هناك العديد منهم و وصفات آخري لم أجدها ."
" .....لم اتوقع هذا ."
" اظن أنها لم تعلم أنني علي دراية بي حتي النهاية . لقد أبقيت كل شئ سراً ."
" بما فكرت بعدما قرأتيها ؟ و ماذا فعلتي بعدها ؟"
"حسناً.."
و بينما كانت تحدق في الأفق أبعدت بيدها خصلات شعر غطت عينها , و قد تمهلت علي الأرجح تنتقي كلماتها بدقة.
"...حينما قرأت "الوصفة " للمرة الأولي , أندهشت لأن لها مثل هذا الجانب القبيح."
لقد كنت أحدق بها .
" لقد عهدتها ربة منزل مثالية , امرأة دائماً ما تعتني بمظهرها و تصرفاتها ."
" ...أنه لصعب تصور الامر خاصةً بعدما رأيتها في الجنازة ."
فجأة طفيت صورة المرأة الهزيلة التي اتشحت سواداً في تلك الجنازة لتصير هذه الصورة تراباًبعدها .
" لا أعلم كيف خلتها لكن عليك ألا تنسي أم من هي ." ثم علي وجهها ابتسامة جديرة بالصفحات الأولي من مجلات الموضة و أردفت " هي أمي أنا "
كالبنت , كأمها ؟ كلا , الترتيب المثالي هو " كالأم , كالبنت "؟لا يهم الأمر فبمرد ما فكرت في الامر من هذا المنظور بدا كل شئ لي واضحاً , و بتحليل منطقي طفيف سيبدو لك الأب كذلك.
" لقد كانت أمي تعمل في مدرسة طهي بالمدينة و الأكبر فيها . كل يوم تعطي حصصاً لعدد كبير من الناس بالإضافة لظهورها في برامج طهي في قنوات محلية . و أيضاً قامت بنشر عدة كتب كذلك و و هكذا عُرفت في أوساط المهنة بـ " العالمة الخلابة "."
لقد كانت فكرتي عنها يُعاد تكوينها.
و الان تخيل امرآة مماثلة تكتب مثل هذا الهراء, لقد كنت مصدومة ."قالتها و هي ترجع كتفيها نحو الخلف دليل علي الدهشة .
" هرا ء , هيه ؟"اعدت قول  كلمة ذات معني قالتها .
" و لكنك رأيت الامر مثلي تماماً ؟ عندما قرأتها شككت إن كانت علي مقدرة علي قتل أحدهم , و أنها أبعد ما يكون عن كونها عقلانية و لهذا أعطتها المسمي وصفة عوضاً عن خطة ."
"آه , فهمت ."
" بالفعل , فهي كخطة مُعدة للقتل فهي غير مجدية و يمكنك أن تُعد محظوظاً إن نجحت مرة من ضمن مائة ."
"همم" لقد وافقتني في البداية لكن تكملة حديثي جعلها ترفع حاجبيها .
" لكني أعتقد أن عدم نفعها هو ما يعطيها أهميتها ."
" ماذا تعنين ؟ "
" من كان يظن أن مثل هذه الخطة الهاوية موجودة و قد تُنفَذ ؟"
" إن ظننا أن هذه الخطة قد تفلح إذاً ألن تُري من قبل الاخرين كسوء حظ ؟"
" يا لها من طريقة مغايرة و رائعة لرؤية الأمور ."
" و أنا أعرف حادثة واحدة تشابهها ــــــــــــــــــ"
"ـــــــــ حادثة أبي ؟ "و قد جاوبتني بدون أن أنهي كلامي .
"...أنت مدركة للأمر ؟"
لقد أجفلتني ردة فعلها غير المتوقعة .
"و ايوجد ما ينكرها ؟ فمن قرأها و عرف ظروف الحادث فلا شك أنه سيربط بين الاثنين ."
ثم هزت الورقة بجوار رأسها ممسكة أياها بأظفارها .
و اخيراً عرفت ما يزعجني في الامر .
" لم اكن أعلم بشأن ها الجانب الخاص بوالدتي إلي أن وجدت الوصفة ـــــــ يمكن القول أنها مسألة غيرة فكما تري فقد كان والدي علي علاقة بامرأة أخري , علي الرغم من أن العلاقة بينهما لم تكن علي مايرام إلا أن والدتي لم تحب أن يشاركها أحد فيه , يا له من مخيفة غيرة النساء . فلتنتبه إذاً نونوميا-كُن ."
و علي الرغم من أن الأمر يخص عائلتها إلا أنني شعرت بعدم اكتراث من نبرتها و كأنها تخبرني عن  شائعات تحدث في حيهم .
ظنوني قد تأكدت .
" لا يسعني التفكير في شخص أخر غيرك . انت من قتل والديك ." لم يسعني إلا و أن أكون صريحاً معها .
أمالت برأسها محافظة علي ابتسامتها المعتادة و قالت .
" ليس و كانني أكترث بشأن دافعك ــــــ فقد آل إلي الأمر أن أبحث عن قدرتك عيل فعل الأمر أم لا و رأيتها هو أنك قادرة علي فعلها ."
ثم ضاقت عينا تسوكيموري لتشبه الهلال .
 " لقد اعترفت بالفعل أن ما حدث في الحادثة الأليمة كان مطابقاً بالفعل ما هو بالورقة ؟ إذاً إن اعتبرنا أن الحادث الأليم ليس بحادث بل مفتعل إذاً تتواجد احتمالية أن من قام بالأمر من المحتمل أنه قرأ الورقة, اليس كذلك ؟"
وضعت تسوكيموري ذقنها علي يدها و هي تتفحصني .
" أو بمعني أخر أن من قام بالحادث هو قارئ لها ؟"
أغمضت عيناي و ألتقت أنفاسي لأكمل .
" انا أعلم بامر ثلاث هم من قرأوا الورقة أولهم كاتبتها و هي والدتك و الثاني هو و أنا و الثالث هو ــــــــــ"
ثم أشرت إلي الورقة التي تحملها في يدها .
" ـــــــــــــــــــــ الشخص الذي فقد الورقة ــــــــــــــــت يوكو تسوكيموري , أنت ."



و قد ظلت تسوكيموري صامتة .  
" أنا مقتنع بأنك -يوكو تسوكيموري _ قادرة علي تنفي مثل هذه الوصفة ."
"......اتعلم كيف أشعر الأن ؟ "
" غن كنت قادراً علي فهم مشاعرك لما كنت أرقص علي حبائل هواك دائماً ."
" لقد تاثرت حقاً . أنا أشعر بكم من العاطفة الجارفة المنبعثة منك بفهمك الشديد لي , علي الرغم من أنك ستخبرني أنني مخطأة بنبرتك الباردة المعتادة ."
" انت مخطأة ."
و قد اجبت لها رغبتها بدلو مضاعف من البرودة .
حقاً لا يمكنني فهمها . لقد دعوتها بالقاتلة و تلك الأبتسامة لم تتزحزح من علي شفتيها , و كأنها لا تخفي شيئاً .
أحقاً هي ثقة بالنفس ما يلوح وراء هذه الأبتسامة ؟اهي واثقة حقاً من قدرتها علي نفي أي اتهام ؟
هذا ليس كافياً . إلا إن استطعت أن احفر أكثر و أحطم هذه القوقعة من الداخل للخارج حينها قد أتمكن من رؤية ما أريد رؤيته .
".....هناك ما يحيرني مُنذ البداية ." لقد كانت البداية " الست محايدة جداً فيما يخص والديك ؟ و كأنك تناقشين أمور أشخاص غرباء عنك تماماً ."
ثم بدت نظراتها متشككة .
"أحقاً ما ترى ؟ أنا في السابعة عشرة من العمر و قد توقفت عن الأعتماد علي والدي كما كنت في صغري .أليس الحاجز بين الأهل و المراهقين مشابه لحالتي في العائلات الاخري ؟"
و في الحال اجبتها و بقوة " لا , علي الأطلاق ."
و من ثم صمتت و اخذت تحدق فيني .
" بالله عليك!هناك شئ غريب في كل هذا , لقد كانت أمك تضع خطة لقتل والدك ! غن كتنم عائلة فبالتاكيد كنت ستحاولين إيقافها !"
للحظة اتسعت عيناها .
" اتعرف لما  كان سؤالي الاول لك عما فعلته بعدما وجدت الورقة ؟ لأنني آملت انك ستقول أنك رغبت في إيقافها , لكنك اخبرتني برأيك في محتوي الورقة  ــــــــــ"
ثم فتحت فاهها قليلاً و كانها تريد اخباري بشئ ما .


" ــــــــــــ أفكرت و لو مرة واحدة أن تمنعيها ؟"

و قد كان تعبير وجهها الحائر أفضل من أي إجابة قد تقولها .
اهتزت قليلاً ثم ضمت ساقيها إلي صدرها .
" بينما كانت الدلائل تشير إلي أنعدام العلاقة بينك و بين أهلك إلا أنه لا يوجد ما يثبت وجود كراهية في الاجواء بينكم ."

و إن أخذت أفكر في ردود الفعل التي أبدتها يوكو تسوكيموري من حين لاخر فحينها يمكنني أن اري أنها لم تكن سعيدة بفقدانها مجتمعها الصغير الملقب بـ"العائلة" . فمن حين لأخر بدت هشة ضعيفة و واهنة , أي أنها لم تشئ يوماً لعائلتها أن تختفي .
" لم يثيروا اهتمامك , أليس كذلك ؟"
و هذا ما توصلت إليه .
فإنكنت سأتحدث عن شئ لا يهمني البتة حينها سأتحدث عنه بنفس الفتور ..
"....عوضاً عن القول أنههم لم يثيروا اهتمامي بل من الأحري القول أنه لا يوجد ما يجعلنا ننجذب لبعضنا ."تمتمت قالة و اردفت " أنا لا أكره عائلتي , اتفقنا ؟ الأمر و ما فيه هو أن بيت آل تسوكيموري قد بُني علي الفردية , لهذا لا يتدخل أحد في شؤون الاخر و هذا ما حافظ علي تناغمنا كأسرة ."
" لقد كنت قادرة علي القيام بكل ما أريد منذ الصغر وكذلك والدتي , فهي قد لا تواجه أي مشكلة تدبير شؤونها بلا الحاجة لأبي , أما هو لم يفعل غير المحافظة علي صورة رجل العائلة بتقديم الدعم المالي لمزانية المنزل و لكنه لم يتدخل في شؤون البيت علي الأطلاق , صدق أو لا تصدق :في صغري ظننته عماً سخياً دائماً ما يعطينا المال فحسب ."
حينها بدت و كان بسمتها باتت سخرية من النفس .



" تماماً كما لاحظت , لم أفكر قط بإيقافها ."
" لقد كنت قادرة علي تقبل فكرة وصفة القتل لأعتقادي أن أمي قد كان لها أفكارها و حياتها الخاصة لكن أعتقد أنه كان عليّ إيقافها حينها ."
ثم ضمت قبضتيها جاعلة أظفار اصابع بيضا تنغرس في كفها .
" إن كنت قد نشأت في بيت أسرة أخري لربما كنت سأتصرف بطريقة أخري ."
ثم رفع رأسها نحوي .
" لكن أوتعلم .ط لقد بدا صوتها بعيداً جداً " هذه هي الطريقة التي تربيت عليها مُنذ الصغر ."
لقد بدت عيناها واضحة و واثقة , هه العزيمة التي تنطق بها العيون , بالنسبة لي : يوكو تسوكيموري هي انسانة قوية .
و لكن هذا لا ينفي أنها وحيدة .
في تلك اللحظة بدت لي تسوكيموري و كأنها لا تنتمي لهذا العالم , جمال هو أقرب للسرابب مما غزاني بشعور من أسراب الفراشات التي تعبث في معدتي .
" ألم تشعري بالوحدة ؟"
و قد جاوبتني بلا أي تردد بهزة من رأسها  و ابتسامة علي شفتيها " كلا , علي الأطلاق ."
أن تعتمد علي نفسك فقطو ألا يشاركك أحد الحياة بدا لي أمراً موحشاً بالوحدة .و لكن هي _بنفسها _ قد نفت هذا الامر .
" و الأن ؟ ألا تشعرين بالوحدة بعدما توفي والديك ؟" و قد اعدت علي مسامعها نفس السؤال .
لقد بدا لي حياة موحشة حتي و إن كانت من منظوري أنا , لكن تسوكيموري قد بدت لي حزينة و هي جالسة في صمت علي تلك الارجوحة .
و في الوهلة التالية ابتسمت ابتسامة غريبة ثم نظرت إلي القمر الذي تدلي من سماء سوداء لتنعكس في عينيها ضياءه الذي اكتسب لوناً ذهبياً من بين رموشها .
حينما زارتني نظراتها مرة أخري قالت " أنا لا أشعر بالوحدة ــــــــ"
لقد غاب عنها حبها لأثارة غيظي .
"ـــــــــــــــــ لأنك بجانبي , نونوميا -كُن ."
لم أري في عيناها أو علي ثغرها شبه الأبتسامة , لقد كانت جادة .
لقد كانت هذه اللحظة التي لا تنسي التي أزلت فيها ابتسامة تسوكيموري من علي شفتيها .
و قد كان برج الساعة علي وشك إعلان الثانية عشرة.

لا يوجد دافع قوي كفاية يدفعها لإرتكاب هذا الأمر , أو علي الأقل لم يسعني التفكير في واحد.
و حقيقة أن تسوكيموي ليست بالفتاة الحمقاء التي قد تُقدم علي القيام بمثل هذا الفعل قد صارت راسخة في عقلي غير قابلة للزعزعة .


و مع هذا قد ذهب والداها.


لقد همست "...لا اعرف كيف أصف هذا الشعور ."
أي كلمات هي المناسبة للأمر ؟
لقد ترجلت من مكاني و أخذت أمشي في الحديقة من نفسي تاركاً إياها خلفي .
سرت الهوينا بينما أنظم أفكاري و أنا أشعر بالأرض و هي تلامس قدمي مع كل خطوة أخطوها .و بدون أن أدرك قادتني ساقي إلي الجرف الذي يُطل  علي البلدة بآسرها .

و أخيراً بلغت الفاصل بين الحديقة و بين الجرف .
لقد كان الحاجز عبارة عن سور أخضر اللون صدئ يبلغ أرتفاعه إلي خصري فأعلي قليلاً , ملت مستنداً عليه لأدرك أنه من السهل للمرأ الأنزلاق و السقوط .

لقد اخذت اتأمل البلدة .
لقد ملأت البلدة مجال رؤيتي بأضواءها المبهرجة , أجل هي لم تكن أضواء ناطحات المدينة في ليل أسود لكنني شعرت بالفخر من بلدتي .
علي الرغم من أنها لم تكن كبيرة في المساحة إلا أنه هناك ما يحدث فيها دائماً , ألا زال ذلك الرجل ينهب الطرقات بسيارته الرياضية الحمراء ؟ ألا زالت مدمنة الشيكولاتة مستيقظة ؟ بينما كانت تلك الفتاة التي تشبه القرد الصغير في ردود أفعالها في عالم الأحلام بالفعل .
وكعرض شرائح أُعدب الحاسوب أخذت صور الأشخاص الذين أعرفهم تُعرض في رأسي الواحدة تلو الأخري .
" اليست رائعة ؟ هذا ما أردت أن أوريك إياه , نونوميا -كُن ." لقد كانت أخر صورة هي أكثرهم حيوية و قرب من الواقع و قد جاءت متزامنة مع الشخص الذي يشاهد بلدتنا بجواري .
أحتضنت تسوكموري نفسها إذ مر بنا نسيم باردقد تخلخل شعرها .
هذا المشهد ذكرني باليوم الممطر بينما كانت تسوكيموري في زيها المبتل .
هناك شئ للا يمكنني أن أنساه عن تلك الليلة حينما سألتها عن السبب الذي يدفع الناس للقتل .هذه محادثة لا يمكنني نسيانها .

و في اللحظة التي تذكرت فيها غجابتها أخذ حينها جسدي يرتعش بينما صدرت مني ضحكة عالية .
لأهمس لها "....لقد عرفت السبب أخيراً , عرفت دافعك لقتل والديك ."

و لتعلق ببرود "فهمت "
لقد كانت في حدود مجال بصري .


" لأنك كنتي في المزاج لذلك "


و بينما أنا أضحك أجابتني بإبتسامة فتاة قد أعطتها بعض الحلوي تواً " أنت مذهل ."
كما أخبرتني حينها أن المزاج هو التفسير لمن لا منطق له .
لقد ضحكت من تفاهة الجواب , فمن يمكنه الأعتقاد بسبب كهذا ؟
فقط من يمكنه فهم شئ مماثل هو أنا و ــــــ يوكو تسوكيموري.
فجأة أخذت تقترب مني .
"....إن كان كل ما تكون صحيحاً حينها فأنا امرأة فظيعة "لقد كانت تهمس في اذني بكلماتها " قتلت والديّ و خدعت الجميع و غششتك و فوق هذا أحعيش حياتي كالمعتاد."
ثم ___سقط شالها الابيض ملامساً الأرض .
" لكن لا يمكن نفي الأمر , فهناك بعض الأشخاص الذي لا يمكنك فهمهم بالقواعد الطبيعية , اشخاص أكثر حرية .."
لقد جفلت .

فجأة قفزت علي السور بلا أي لحظة تردد جاعلته ينحني ناحية الهاوية .
".....نونوميا -كُن , عليك أن تقرر , إن لم تعاقبني فستظل المرأة الفظيعة يوكو تسوكيموري حرة تنعم بحياتها ."
لقد فعلت ما ليس بالمتوقع , جالسة علي السور .... أخذت تميل إلي الخلف ...شعرها الأسود ينحني إلي الهوة السوداء .... لم يكن هناك ما يحافظ علي توازنها غير ذراعيها الأبيضان ....و أمام عيناي تظهر أنحناءة عنقها .
" أعليك ان تحكم بأنني لا أستحق العيش ...انت تدرك الموقف , أليس كذلك ؟"
فقط دفعة خفيفة علي صدرها كفيلة بإرسالها إلي الاسفل .
"...أجننتِ ؟ أتدركين معني ما تقولينه ؟"
لقد ظننت الظنون بعقلها .
" و من يدري ؟ لكني اشعر أنني في احسن حالة , أجل قد أكون غير عاقلة حقاً لإعجابي بمن هو غريب الأطوار مثلك ."
ثم أغلقت عينيها .
و كأتها تستمع بحمام من ضوء القمر في أمسية هادئة .
" لقد قررت مُنذ زمن أنني سأعطي كل ما فيني لمن هو "مقر لي " , صدقني شئت أم أبيت ."
من الواضح أن "كل ما فيني " تضمن حياتها أيضاً .
"...لا يسعني حقاً فهم ما تفكرين فيه , بحق كل شئ ما هو ذلك المقدر لك ؟"
لقد كان الرد واضحاً و موجزاً.



"أميري."
لقد جاءت الكلمة مترافقة مع ابتسامة عذبة لا تمت لعالمنا بصلة , و باعتبار الانعدام الكامل للخوف, فقد كانت تسوكيموري جادة.
فجأة ظهر في عقلي المشهد الأخير لوالدتها كما وصفه كونان . لقد سرت الرعشة في جسدي و أنا أتخيل مشهداً مميزاً للغاية .


أخذت مخيلتي ترسم مشهداً ــــــ مشهد خلاب قد كان , لجثة يوكو تسوكيموي و هي محاطة بالأزهار المتفتحة بنفسجية اللون .

صوت ابتلاع صدر مني , و رعشة تسري في كياني , و دون أن أدري أمتد يدي لتلامس أصابعي صدرها.
لقد اخذ دمي في الغليان من فرط الإثارة , يا له من إغراء! , فقط اصبع اخر كل ما احتاج لتنفيذ الحكم الأبدي علي يوكو تسوكيموري.
حينها بدا لي ثوبها الأبيض كالكفن .
بكل تأكيد قد تدبرت كل شئ , علي الأرجح مخططها هو " فتاة محطمة القلب تبعت والديها في الموت ."
بمعني أخري , لا عقاب لي إن دفعتها .
لقد جعتني أميراً , و إن كنت أميراً حقاً فدوري هو تحريرها من سجنه في القلعة .
أنا آسف حقاً يا تسوكيموري , أنا لست و لن أكون يوماً بأمير , إن الدور الذي يناسبني هو المزارع أ _مجرد شخصية جانبية في قصة الاميرة _ و هذا ما سأكون دائماً .
لقد كادت ضربات قلبي تحطم قفصي الصدري . و أنفاسي غير المنتظمة حثتني علي الهروب . لكن و بعدما أخذت نفساً عميقاً و بأسنان تجز علي بعضها البعض مددت يدي نحو الفتاة ذات الكفن ـــ لففتها حول خصرها و بكل ما اوتيت من قوة جذبتها نحوي .
دفعتني الزائدة عن الحد جعلتني أقع و هي بين ذراعي .
"...رجاءً لا تنسي " ثم وضعت يداً علي صدرها و أردفت " أنك أنقذت هذه الروح ."
لقد جلبت ذلك الجرو لذا عليك أن تتحمل مسؤويلته ــــ كلمات قد قالتها لي والدتي مُنذ وقت طويل , حينها تلاشت معنوياتي , مُنذ متي و أنا الرجل النبيل ؟
".....أكنت تختبريني ؟"
" لا تقلق فأنا أثق بنفسي , أنت لن تندم لحظة علي هذا الخيار ."
و بتلك الابتسامة علي شفتيها أطلقت في نفسي شعور أن كل ما حدث كانت متوقعة إياه.
"لقد ندمت دائماً ـــــــ"
ـــــــ أنني قابلتك.
"هلا أبتعدتي!"
لكن للأسف لقد كانت جالسة علي حوضي و علي ما يبدو أنها لن تتزحزح. لقد انحنت إلي الأمام واضعة يديها علي رأسي و قالت " ماذا ستفعل ؟ و ماذا تنوي أن تفعل ؟  أتنوي إخبار الشرطة عني و عن كل ما قلته لك ؟"
في حين كانت شفاهها تنط كلمات , كانت خصصلات شعري تتعانق مع أنفاسها الحلوة.
" لن أعترضض طريقك إن كان هذا ما ترغب في فعله !"
من الجلي أنها لم تكن تتحداني .
" ألست بجريئة ؟"
و من الأسفل جاء صوتي .
" أهي ثقة من قدرتك علي خداع الشرطة ؟ أم هو تقليل من شأني ؟"
" مخطئ في كلتا الحالتين ." ثم هزت رأسها و أردفت " أنا فقط متيقنة من براءتي ."
" دعينا نجري اختباراً صغيراً ...إن كانت هناك جريمة قتل قد حدثت و لكنني أخبرتك أنها مجرد حادثة ناتجة عن سوء الحظ , أستصدقينني ؟"
أخذ شعرها يتأرجح في نسيك الليل مداعباً أنفي .
"...بالطبع لا !"
لقد ترددت قليلاً بعدما رأيت جديتها التي لم تتأثر .
"حقاً؟ أنت لن تصدقني لذا سأدعك تفعل ما تريد ."
و في اللحظة التالية علا وجهها ابتسامة و أكملت 
" لكن تذكر أنه بالنسبة لي لا وجود إلا حقيقة واحدة ."
أيمكن لمن يضحك بمثل هذه البراءة أن يكون كاذباً  ؟
صراحة لم أعرف الإجابة .
" عدا عن كونك من اخترته فلا وجوج لشئ غريب في احترامي لقرارك و إن اختلف عما أتوقعه ."
"اخترته ؟" أعدت كلماتها بشك يغزوني.
لقد بدت مختلفة عن "المقدر" التي كانت تستخدمها قبلاً .
" هناك شئ قد فهمته علي نحو خاطئ نونوميا-كُن ."
"ما قصدك ؟"
" ليست مصادفة أنك تحمل وصفة القتل ."
"........................إيه ؟"
حينها علا صوتي في دهشة .
"رجاءً تذكر اليوم الذي وجدت فيه الوصفة ."
لقد بدت لي الذكرى حية , لقد كانت بعد انتهاء الدوام , موجودة في مذكرة كانت قد أوقعتها .
فجأة أخذت تضحك .
" إن سمحت لي القول فأنا أملك شخصية واعية . أتظن حقاً أن شخص مثلي قد ـــــــــــــــــــــ"
تلك الملامح . تلك التعابير . هي أشياء لن أنساها ما حييت . لقد كان وجههاً قاسياً و في نفس الوقت خلاب.


"ــــــــــــــــــــــــ يفقد شيئاً مهماً كوصفة القتل ؟"



مستحيل . خطأ  كهذا قد يُعد مستحيلاً إن كانت تسوكيموري من نتحدث عنه .
لقد كانت الانسان الكامل  الوحيد علي سطح الأرض. 
في ذلك اليوم حينما حضرت اجتماع ممثلي الفصول ....ممثل الذكور هو أنا ـــــــــــــ نونوميا ....السؤال هو من هي ممثلة الإناث ؟
هي الشخص الذي أراه أمام عيني الأن .

إن فكرت في الامر ملياً , لقد اسرعت إلي الفصل مباشرة بعد انتهاء الأجتماع مباشرة , و إن كان ما تقول صحيحاً حينها فقد كانت تحاول كسب بعض الوقت لتتأكد من وقوع الوصفة في يدي  "عن طريق الصدفة ".
كيف أمكنني تجاهل مثل هذا الشئ البسيط ؟ أن بحثها عن الوصفة في اليوم التالي كان مجرد تمثيل لجعلي أصدق أنها قد فقدتها "مصادفةً".
يبدو انني كنت أرقص في راحة يدها مُنذ البداية .هذه الحقيقة المهينة أنملت أطرافي و في خضم هذه الصدمة لم أتمكن من التفوه بأي شئ .
ثم نهضت من فوقي تسوكيموري و هي تضحك .
" لا يوجد شئ ما قد يُخالف ما أريده أن يكون . لا يوجد شئ لا يمكنني الحصول عليه . رغباتي هي ما تعطي للمادة كيانها ."
في العادة قد أعتبر مثل هذه الكلمات محض غرور ممن يتفوه بها و لكن المنطقية لم تفارق وقعات الحروف طالما كان المتحدث هو يوكو تسوكيموري .
"لكن ألم تعتقد يوماً أن مثل هذه الحياة لهي مملة و خالية من الألوان ؟ ما الفائدة من عيش حياة مثلها ؟"
ثم سارت ناحية شالها الملقي علي الارض.
طلا يسعك التحمس بشأن حاضر تعلم ما يخفيه في جعبته ." ثم أردفت بعدما أعادت كتفها للوراء قليلاً " لكنني لم أعترض علي أن أكون يوكو تسوكيموري التي رغب بها الجميع , لأنه من السهل أن تتقمص دور الطالبة المثالية و ألا تخذل تطلعاتهم ."
بعدما ألتقت الشال أخذت تتقدم نحوي بخطوات رقيقة تذكرك بلاعبي الباليه و من ثم أنحنت نحوي و يديها علي خصرها ليقع العالم من حولي في ظلام ظننته سحاب قد أخفى القمر في ظلاله.
" اتريد أن تعلم لما آمنتك علي الوصفة نونوميا-كُن ؟"
لقد كان الأمر جيلاً و واضحاً حينما علت تلك الأبتسامة المخادعة وجهها أن الأجابة ليست شئ قد يُعد هيناً .
" لأنك بدوت شاعراً بالملل من الحياة أكثر من أي شخص أخر قد رأيته ."قالتها و كأنها اكتشفت شيئاً عزيزاً علي قلبها .
أشحت ببصري حينها .
بينغو .*                     ______"*أي علي حق "______

و كما تخيلت فقد كنت دائماً أتذمر بشأن كون العالم من حولي هو التعريف التام لكلمة الملل , و بالنسبة لي فقد كانت مخيلتي هي النعيم الذي ينجيني من هلاك حياتي اليومية .
أمسكت بوصفة القتل و من ثم قمت بالنهوض .
"لقد تخطيت كل ما توقعته نونوميا-كُن , لقد اتضح أن الحديث معك لهو أمر مشوق . كل يوم قد صار أكثر تشويقاً عما سبقه بمجرد أن دخلت إلي حياتي . لقد كان قلبي ينبض معك أكثر من كوني مع أحد آخر , حينها أدركت أنك "الموعود" . و لهذا صرت مجنونة بك."
و كل شئ صار طبقاً لما أرادته . و أنا بكل إرادتي ألتقت الطعم . لقد ألتقت وصفة القتل .
بخطوات ثقيلة توجهت ناحية السور و كأنني أغرق ناحيته . و من الخطوات الخفيفة التي تلتني كانت تسوكيوري تسير خلفي.
"...آه!"
صوت صرير صادر من السور , و تسوكيموري تميل عليه بقبضتيها بكل قوتها . تتأمل الهوة السوداء لتدرك أن لا فائدة تُرجي لهذا أعتدلت لسابقه و قالت 
"...ألن تندم ؟!"
لقد كانت ذراعي اليمني ممتدة فوق السور .
ورقة بيضاء أخذت ترسم دوائر في الهواء ببينما تهوي ناحية الظلام التام , علي الأرجح أنها ستعلق علي مكان ما علي الجرف و ستتعرض للطقس لشهور قبل أن تصير رماد.
" لا بأس , فلا حاجة لها بعد الأن ."
هيه , لم أبحث قط عن الحقيقة وراء وصفة القتل بحس ن العدالة يحركني .
"اه . آخيراً ستصدق أنني بريئة ؟"
و تجاه وجهها المبتسم أعلنت ببرود "أتمتئل أذناك بالرمل أو ما شابه ؟ بالطبع لازلت أشك بك ."
حينها ضاقت عيناها في شك.
"أنا لا أفهمك , و لماذا إذاً تتخلي عن وصفة القتل ؟"
" و من سيصصدق مثل هذه القصة السخيفة ؟ أعني أنه كيف سأجيب علي أسئلة الشرطة , لماذا قتلت عائلتها "لأنها كانت في المزاج لذلك ."."
بدون معرفة تسوكيموري جيداً حينها سيكون فهم مثل هذا الدافع لمعضلة تُستعصى . فقط أنا من يمكنه أن أيومأ في وجه مثل هذا الأدعاء .
" لكن أيوجد خيار أخر ؟ فهي الاجابة التي عملت عليها جاهداً  سواء صدقوها أم لا ." لقد كانت نبراته عبثية .
" هذا غباء . فقط سأحرج نفسي و لا شئ ."اجبتها بينما كنت أهز رأسي .
لقد فُقد السحر لحظة كشفت ورقتي الرابحة لها .
في النهاية أدركت أن وصفة القتل ما هي إلا "قمامة ".
لقد علمتني أنها ليست الوصفة ذات القيمة بل كونها وصفة يوكو تسكيموري .
في تلك اللحظة حين أفقت من شعور الأنقياد من الأنف بواسطتها . بدأ حينها شعور أخر يغزوني .
لقد كان شعوراً لا يناسب شخصيتي . لقد كانت غريزة دفاعية .
بأعترافها , أعطتني تسوكيموري وصفة القتل لأنني بدوت أكثر الأشخاص شعوراً بالملل , لأنني سأظهر اهتماماً بما يوجد وراء الوصفة .
لقد قمت بتوفير بعض المتعة لتسوكيموري و بالتأكيد قد كان أمراً غير مقصوداً.
بإختصار , لقد كانت تبحث عن بعض التشويق لتزكي به حياتها و في هذا الصدد تلاقت أهتماماتنا .
لكن هناك شئ أخر قد عرفته .
ـــــــ أنها قد صدمت بالوصفة .
لقد صُدمت بإكتشافها لهذه الوصفة و لهذا الجانب الجديد من والدتها و لكنها لم تتمكن من القيام بشئ لهذا لجئت إليّ و آتمنتني عليها عسى أن أقوم بشئ .
ما فعلته يم يكن قوياً كفاية لأسميه بنداء استغاثة .
لربما هي فقط قد أرادت أن تشارك ما عرفته مع شخص أخر , لربما هي أرادت لأاحدهم أن يعلم بالأمر .
لقد العبء ثقيلاً ليُحمل علي عاتقي شخص واحد.
فكرة أن الفتاة الكاملة يوكو تسوكيموري قد تزعزع كيانها و أنها قد صارت تائهة لا تعرف ما يجب أن تفعل فتلجئ إلي قد غمرني بشعور جعل قلبي ينبض بسرعة .
أليس الأمر رائعاً .نطقها فؤادي.


نظراتي وقعت علي الرقم الذي تشير إليه ساعة البرج من خلفها .
" لقد تجاوزنا منتصف الليل بالفعل ؟"
"أنا متفاجئة , كيف أمكنني أن أنسي مثل هذا الحدث الهام ؟"
شئ مهم قد حدث , لقد كانت تشعر بالأحباط.
"حقيقة اليوم هو عيد ميلادي! أوهماذا حدث لخطتي بأن أتوسل منك كل ما أرغب به بمجرد ان تدق عقارب الساعة معلنة الثانية عشرة ..."
"تهانينا !"و هنأتها قبل أن تتفوهبأي شئ مزعج.
و بعدما نظمت ملابسها علت وجهها ابتسامة و قالت " نونوميا -كُن , أتعلم أن الموعد قد بات عيد ميلادي ..."
"ألم تكوني منصتة ؟ لقد هنأتك للتو !"
" لقد سمعتك وسأعطيك شكري لكنني لا افضل أن تكون مجرد كلمات بل  ــــ"
"لا ."
"أنا لم أنتهي بعد نونوميا-كُن , عليك أن تسمعني إلي النهاية ."
"تذكري جيداً تسوكيموري , أنا لست طيب القلب لأستمع لشئ أعلم أنه سيزعجني ."
"لا تقلق فأنا لن أطلب نك هدية غالية , يمكنك القول أنها ذكري ما أريد ."ثم أخرجت هاتفاً من فستانها و وضعته أمام أنفي ." أريد صورة لنا ."
"..أنت تطلبين هذا و مع أنك تعلمين أنني لا أحب التصوير ؟"
"حقاً ؟"
"رجاءً فلن أطلب منك أي شئ آخر , فهذا اليوم لا يأتي إلا مرة في السنة ."
علي النقيض من نبراتها المترجية , أمسكت تسوكيموري بمعصمي بيديها الأثنتين علي ما يبدو أنها لن تتوقف .
"...حسناً ! لكن صورة احدة ."
لقد استسلمت بسرعة لأني قد تعلمت أن المجهود اللازم لمعارضتها ليس بالهين .
"شكراً جزيلاً لك ." ابتسمتتسوكيموري بينما تصفق بيدها " لنلتقطها من أمام البرج ." قالتها و من ثم صارت و هي تجذبني بيدها .
لقد كان البرج المذكور أضخم منا بثلاث مرات و مطلي بالأبيض .
"ميه , أي مكان هو الأنسب " حينما قلت لها أنه لا يهم نظرت لي نظرة متعصبة قائلة أنها هي فرصة واحدة ما لديها.
و إلا إن رغبت بالسماح لها بالتقاط العديد من الصور حينها أغلقت فمي و تركتها تنتقي المكان .
لم أكن علي علم كيف يمكن للمكان بأن يُحدث فرقاً في الامر "ها هنا , يبدو المكان الانسب للامر ."
"تعال هنا ." م لوحت لي أن آتي فتبعتها و وقفت بجوارها .
ثم أقتربت مني بطريقة لم أعهدها منها قبلاً , عدا الخامة الخفيفة التي صُنع منها ثوبها فقد شعرت بأشياء مختلفة أخري لا علاقة لها بالملابس .
" إن لم تقترب فلن نظهر الصورة جيدة ."قالتها و بيدها ممتدة إلي الأمام ممسكة بالهاتف , لقد ظننت أنه أنا من يجب عليه ألتقاط الصورة لكون ذراعي أطول لهذا أخذت منها الهاتف و بعدما سألتها علي أين يجب أن أضغط أخبرتني ان أتظر لحظات و من ثم أزالت شالها .
لقد حدقت فيها جاهلاً ما تفعله إن رأيتها تضعه فوق رأسها و تربطه يعلوه زهرة بيضاء كانت تستخدمها كحلية للشعر .
"حسناً " و من ثم أردفت بعدما رأت نظراتي المتشككة ناحيتها " أليس هكذا أجمل , كالأميرة أبدو ؟"
بالفعل لقد كان يلائمها لدرجة أنستني أن أنفيها .
و عند غشارتها ضغط الزر ليصدر صوتاً ميكانيكياً بعدها معلناً إلتقاط الصور , لم تتمهل تسوكيموري إن أختطفت مني الهاتف بعيداً .
و بينما هي تري الصورة برضي عل يوجهها قالت "تماماً مثلما أردتها ."
من وقت لأخر اخذت تبتسم .من الجيد أن الهدية قد راقت لها .
"شكراً لأنك سمحت لي بإلتقاط الصورة ,سأحفتظ بها دائماً ."
"أجل , حافظي عليها كيلا يراها أحد حينها سأتمكن من الحفاظ علي هدوء عالمي ."
لا يمكنني تخيل إن أكتشف الرفاق في المدرسة بشأن الصورة , لقد كان أول من خطر ببالي حينها هو كاموجاوا .
"يا للحسرة , لقد كنت أنوي أن أتباه بهذه الصورة العزيزة أمام ميراي-سان و شيزورو.."
الحمد للرب أنني قد منعتها من ذلك.
"...آه حسناً سأستمتع بها بمفردي , ان اتأملها كلخفي لهاتففي وقت الحصص و ابتسامة تعلو وجههي كالبلهاء , و أن اعطيها قبلة قبيل النوم كل  يوم ."
"هلا مسحتي الصورة الأن ؟"
"أنا أمازحك حقاً ." ثم ضحكت بخبث .
هذا ما يحدث حين تتخذ مثل خياراتي .
"أتريد أن تراها ؟"
"بكل سرور ."
و بما أنها صورتي التي ستحملها معها من الأن فصاعداً فشعرت بالحاجة الشديدة لرؤيتها .
اقتربت بوجهي ناحية شاشة الهاتف التي أمسكته بالقرب من صدرها , بركبتين منحنيتين قليلاً و حينما كانت أذني بالقرب من شفتيها جاءتني كلماتها .
بعدما انتظرت إلي أن اري الصورة جيداً .


"ارأيت؟ ألا نبدو كعريسين في زفاف خاص نلتقط الصور من أمام الكنيسة ؟"



أخذت احدق في الشاة التي كانت تظهر رجلاً يرتدي السواد و امرأة في البياض متعلقين ببعضهما بسعادة .
بالقليل من الخيال سيدو شال المرأة كما حجاب العروس مما يعطيك شعوراً بأن الرجل يرتدي بزة زفاف سوداء .
عدم الادراك التام للحقائق قد يكون خطراً في بعض الأحيان : لاحظت أن برج الساعة في الخلفية قد بدا مثل برج الكنيسة و إن كانت المرأة ممسكة بباقة من الزهور في يدها فحينها سيبدو الأمر كمراسم الزواج مهما نظرت إليه .
و كرد فعل طبيعي أمتد يدي لتخطف منها الهاتف إلا أنها تفادتني و أخذت تتراقص ممبتعدة كبتلات الزهور المتفتحة في خطواتها 
"أعطني ذلك الهاتف ."
"لا! أنا متأكدة أنك ستمسح الصورة إن فعلت ذلك ."
"بالطبع سأفعل !"
ثم امتدت يدي ناحيتها مرة أخري إلا أنها ابتعدت عني لتزيد بيننا المسافة و كأنها جنية صغيرة تتراقص علي صفحات الماء إلا أن تسلقت فوق أرجوحة قريبة .
"نونوميا-كًن , أنا هنا ." ثم اخذت تلوح لي ببراءة الطفال .
لقد كانت يوكو تسوكيموري جامحة و طليقة حينما تظهر حقيقتها . أكثر بكثير مما يسع شخص مثبط العزيمة مثلي أن يتحمل .
"سأغادر ."
هذه الليلة قد أرهقتني .
"مهلاً! "لقد نادت عليّ حينما سيرت بالقرب منها في طريقي إلي الخارج لألتفت لها .



"لماذا قد جئت وحيداً الليلة ؟"



محاطة بضيائ القمر , ملتفة في شال أبيض . بدت حينها تسوكيموري في عظمة و مهابة مثل جين دي أرك.
"لم لم تخبر أحداً عن الوصفة ؟لقد أتيحت لك اكثر من فرصة ؟ و علي سبيل المثال كونان الذي يستطيع ان يجعل الناس تنصت إليه و إن كانت قصتك تبدو سخيفة ."
قالتها بوجه ممتقع .
الشئ الوحيد البادي في عينيها في هذا الظلام الصامت هو أنا . 
لم يسعني إلا و إن أنحنيت عفوياً و أنا أقهقه .
لماذا؟ لأنني أدركت كيف هو سهل الجواب عن سؤالها .فقط أن أكون جاهل بنفسي علي الرغم من توخيني الحذر من أي شخص حولي , حقاً يا لي من أحمق .
الأن إجابتني واضحة .
سواء كانت قد قتلت والديها أو أي أحد آخر , سواء كانت بريئة أم مذنبة, سواء تواجدت حادثة تشير إلي أنها قتل عمد علي الرغم و إن كانت سلسلة من المصادفات سيئة الحظ  لصاحبها ـــــــــــــ هذه الأسئلة لا تهم .
حاجبيها قد ارتفعا . تنتظر إجابة .
"هذا سؤال سهل ــــ " لقد كنت أناجي سماء الليل.
"أنا الوحيد في العالم من له الحق في أن يشك فيك."


لسنا في حاجة لأي شخص اخر , فالأمر كاف إن كنت أنا بمفردي من يعلم بأمر يوكو تسوكيموري الحقيقية .
و أخيراً حمل نسيم الليل ناحيتي همسة حارة.
"...مم, يبدو أنني لست وحيدة في النهاية ."
لابد و أنا عيناي كانتا مفتوحتين علي أخرهم حينما التفت ناحية البقعة التي أضاءها الضياء الفضي .
فجأة أنزلقت , لم تهتم بتنورتها و أو ثوبها . فقط جاءت مسرعةً .
تحيط بي بذراعيها و تضمني من الخلف .
و بينما وجهها مدفون في ظهري قالت بصوت مدفون .



"ــــــــــــ أنت الوحيد في هذا العالم الذي أمنحه حق الشك فيني."



لقد بدت سعيدة .

أنا لست بالشخخص التسامح الذي قد يجعل أحدهم يتعلق به هكذا لكنها قد كانت متمسكة بي بطريقة لا يمكنني الفكاك منها . لقد كانت مثل القيود التي تربطني .و الأمر بطريقة مثيرة للسخرية شبيه لعلاقتنا في الوقت الحالي .
لقد توقفت عن المفاومة و من ثم نظرت إلي سماء الليل و تنهدت .

خطوط الضوء الفضية أخذت تتساقط علي الأرض كما يفعل الحرير , لتمتصه الأرض , بلا توقف و كأن القمر قد اقسم علي أن يصبغ الوجود كله بلونه الفضي .
بالمقارنة لضياءه بدا اي ضوء آخر ضعيفاً جداً , مهما تلألأت النجوم و مهما اشتدت إضاءة شوارع المدينة لا يمكن لشئ أن يغلب ضوء القمر الساطع .
و بدون أن ألحظ مددت يدي ناحية القمر ـــــــــ علي الرغم من علمي أنني لم أصل إليه مطلقاً .
القرار الذي أتخذته في تلك الليلة ...قد يكون خاطئاً ...و قد أندم عليه فيما بعد.
كلا , فقد لا تُتاح لي الفرصة للندم عليه .


لأنه تهئ لي التعرف علي يوكو تسوكيموري .
لأنه تهئ لي معرفة من هي .


أغلقت عيناي بدون أن احرك رأسي.
لقد كان قمر تلك الليلة دافئاً و ناعماً.







أما بعد :

قد تُعد 80% نسبة كبيرة .
إن حصلت علي سبيل المثال علي 80 نقطة من أصل مائة في امتحان فلا أحد سيشتكي .و إن خرجت بلا مظلة في يوم تنبأت فيه الارصاد أن بنسبة 80% ستهطل الأمطار فأنت متهور.
و الأن بما أننا جئنا علي ذكر هذا :
من كل عشرة مرشحين , ثمانية يحصلون علي جائزة في الاختيار الاخير .فليس من المستحيل أن تحلم.
"إن فزت فسأستخدم المال كقسط أولي من أجل سيارة جديدة !", "سأتمكن من شراء مشغل أقراص بلوراي بسهولة ." , من يمكنه لومي بسبب هذه الأحلام؟
و لكن كما تعلمون فقد جائتني النتيجة "يؤسفنا .."و لهذا تتحطم هذه الأحلام الهشة بقوة مطرقة حديدية .


و لكن و كما يقول المثل . إن أُغلق في وجهك باب , سيفتح اخر .
"يؤسفنا القول أن عملك لم يتم اختياره لكننا سنسعد بتقديم هذا العمل إلي الجمهور."
و بلا تردد و كالطلقة ! و بصوت عالي قلت .
"أنا ارفض ."
إنها الكرامة التي تجعلني أبحث عن نجاتي بمجهودي فلا شكراً.لهذا أنا أرفض العمل مع دينجي بينوكو.
اه , يبدو انني لم أعرف نفسي يا لسخافتي. أنا أدعي بناتسوكي ماميا و قد سعدت حقاً بوجودي في دار دينجي يبونكو برواية "جيككو"  

ماذا ؟ أتملئ كرامتك معدتك ؟ أم تسدد لك اقساط السيارة ؟ اعتقد أنها لا .


كوم هذه الكرامة و ووووووووووووش ها هو يطير .
.


ناتسوكي ماميا.


ترجمة :

Beloc Doukanish

و هكذا ينتهي جيككو بعد طول انتظار  
TT_TT
أرجو مسامحتي بسبب التاخير في رفع الفصول لكن ها نحن و يتبقي الان قصتين فرعيتني سأرفعهم قريباً جداً 
و في النهاية شكراً لك من كان يتابع العمل 
XD





هناك تعليقان (2):